الحمد لله رب العالمين حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه و الصلاة و السلام على خير خلقه و رسوله صلى الله عليه و سلم
أما بعد
فإن الكثير من الناس لا يصلون صلاة الصبح في وقتها. ووقتها من طلوع الشمس إلى الشروق ( و ليس إلى آذان الظهر ). و يمكن معرفة التوقيت بالإطلاع على حصة أوقات الصلاة.
لا يصليها الكثير في وقتها إما جهلا بمكانتها و فضلها، أو تهاونا و تكاسُلا.
مع العلم أن الله قد افترض فرائض يجب تأديتها حق الأداء و لا يجب التهاون فيها فمن لم يستوفها كاملة فإن حسابه على ربه إن شاء عذبه و إن شاء غفر له. فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :( إن الله فرض فرائض ، فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء ، فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان ، فلا تبحثوا عنها ) . حديث حسن ، رواه الدارقطني وغيره .
وأسوق كلاما جميلا للشيخ عبد العزيز دوشي جازاه الله خيرا، حين سُئل عن حكم ترك صلاة الصبح حتى يفوت وقتها فقال :
( إن صلاة الصبح من أعظم الصلوات أجرا وثوابا، وذلك بسبب ما تتضمنه من مشقة الاستيقاظ ومفارقة الفراش وقطع لذة النوم، وهو شيء لا يحصل في غيرها من الصلوات، والأجر دائما يكون على قدر المشقة، فكلما عظمت المشقة عظم الأجر، والذين يعجزون عن مفارقة الفراش وقطع لذة النوم، يبخلون عن ربهم بأقل التضحيات، وقد كان سلفنا الصالح يضحون بالمال والنفس والأوطان ونوم الليالي والشهور من أجل دينهم، فهل تستوي التضحية بالفراش والنوم ساعة من الزمن مع التضحية بالنفس والأهل والوطن؟ وهؤلاء يتشبهون بالمنافقين الذين كانوا كما وصفهم الله عز وجل" ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى" لأنهم كانوا لا يضحون في سبيل الله بشيء. لا يضحون بنوم ولا مال ولا نفس فإذا شغلهم النوم شغلوا، إذا منعهم العياء منعوا، وهكذا هم يضحون بدينهم من أجل دنياهم، وفيهم قال تعالى:" أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين" ولهذا جاء في الحديث المتفق عليه:" إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر"، وروى البزار والطبراني وأبى خزيمة عن ابن عمر قال:" كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن أن يكون من المنافقين. " وهؤلاء الكسالى يحرمون أنفسهم من خير كثير، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى البردين دخل الجنة" وهما الصبح والعصر. وروى مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء" وحين يترك المصلي صلاة الصبح فهو يستسلم لداعي الشيطان ويترك الاستجابة لداعي الرحمان، ولا شك أن الشيطان يطمع فيه مرة بعد أخرى حتى يجعله من حزبه وأوليائه، وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح،قال:"ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه".
وروى مالك والشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نائم ثلاث عقد يضرب على كل عقدة:عليك ليل طويل فارقد،فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" وهذا صحيح فكل من صلى الصبح في جماعة أصبح نشيطا مقبل على عمله بجد، لأن من صحت بدايته صحت نهايته فمتى كانت بداية اليوم بطاعة الله كان اليوم كله مشرقا، ومتى بدأ المسلم يومه بالمعصية مر اليوم كله في التعاسة والبلاء. ولا شك أن الشيطان يتدرج معه خطوات حتى يترك الصلاة كلها. )
اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم و وفقنا لما تحبه و ترضاه آمـــــــيـــــن .
هذا ما تيسر ذكره و أعان الله على ذكره سائلين الله لنا و لكم الهداية و التوفيق و السداد و الحمد لله رب العالمين.