.ExternalClass .ecxhmmessage P
{padding:0px;}
.ExternalClass body.ecxhmmessage
{font-size:10pt;font-family:Verdana;}
ضوابط في التمييز بين الرؤيا والأحلام والمنامات وماذا يشترط في مدعي رؤية
النبي صلى الله عليه وسلم
.الشيخ السحيمي
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ وَسَلَمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
أَمَّا بَعْدُ:
أيُّها الإخوة: قبل أن نبدأ درسنا في هذه المنظومة في الآداب الشرعية للشيخ المرداوي -رحمه الله- ، أودُّ أنْ أُنَبِهَ على مسألة طالما حصل فيها خلطٌ بين الناس، وكَثُرَ أدعِيَاؤهَا، وخلط فيها الناس بين الحق والباطل، هذه المسألة هي مسألة "الرُّؤيَا"، مسألة "الرؤى المناميَّة والأحلام"، تلك المسألة التي كثر أدعِيَاؤهَا، وكثر المفتون فيها أو المفتونون بها؛ بل أصبحت تجارة في بعض القنوات الفضائية، وتجارة في بعض وسائل الاتصالات؛ حيث يُتَصَلُ على مُدَّعِي تعبير الرؤى في بعض القنوات على الأرقام التي فيها قمار ومقامرة وخداع، وأكل لأموال الناس بالباطل مثل رقم السبعمائة، أو ما أدري ماذا غيره من الأرقام، أو عبر تلك الرسائل الهاتفية التي هي بأغلى الأثمان، والريع يعود إلى تلك الشركات، وإلى أدعياء تعبير الرؤى، هذه المسألة أيُّهَا الإخوة يجب الوقوف فيها عند النصوص. والرؤى أو الأحلام، أو ما يُرى في المنام على ثلاثة أقسام :v قسم لا يعدو أن يكون من أحلام اليقظة، وهو ما يتراءى به المرء في النهار، أو عندما يكون مستيقظًا، ويكثر التفكير فيه فيرى بعض ما يتعلق به في حال نومه، من أحلام اليقظة، وهي أمور عادية تخطر لأي شخص يكثر التفكير في أمر ما، فربما تراها في المنام من كثرة تعلقه بذلك الأمر الذي يفكر فيه، ولا يترتب عليه شيء. v وهناك أحلام هي عبارة عن كوابيس منامية، تحصل للعبد من قلة ذكر الله -جل وعلا-، فتلعب به الشياطين، وتتلاعب بعقله وتفتنه، وربما نتج عن كثرة ملئ البطن من الطعام، فإذا نام المرء وقد حشا بطنه ولم يترك شيئًا حتى لنفسه، بدلاً من أن يطبق السنة ثلث لطعامه وثلث لنفسه وثلث لشرابه، فإنه يطبق المثل القائل –عند بعض العوام: "ثلث للطعام وثلث للطعام وثلث للطعام (..)¨ والباقي على سيدي ربي))، ما بقي شيء، فإذا نام أخذ يهرف في نومه، أو ربما كان مريضًا، أو ربما امرأة جاءها الطمث وأخذت تهرف طول الليل؛ ثم إذا أصبحت وقد رأت بعض الكوابيس من جراء آلام الحيض في النهار؛ فتترائى ذلك في الليل في بعض الكوابيس؛ ثم تتصل على صاحب القناة أو على صاحب الفضائيات؛ "يا شيخ أنا والله رأيت القمر يأتي من بين رجلي" قال: "سوف تلدين المهدي"، مسكين أنت وهي، هؤلاء دجالون، لا يجوز أن يُركَنُ إليهم، ولا أن يُسألوا في تعبير الرؤى؛ لأنهم من أكلة أموال الناس بالباطل، حتى لو وُصِفَ بأنه الشيخ فلان أو علان، إذا اتخذ ذلك مهنة، وزعم أنه جاهز لتعبير الرؤى، وهذا أمر في غاية الخطورة، وربما رتبوا عليه أحكامًا شرعية تخالف الكتاب والسنة، وتخالف ما عليه سلف الأمة، وهذا أمرٌ خطيرٌ جدًا أيضًا
v وهناك لاشك رؤى هي حق،ولكن لابد فيها من ضوابط
-أن تكون من رجل صالح أو من إنسان صالح مستقيم على طاعة الله -جل وعلا.
-وأن يكون طبق السنة عند النوم بالأذكار، ممن يحافظ على الأذكار.
-وألا يدعى فيها ما يخالف الشرع.
-وألا يجزم بها أو يبني عليها أحكامًا شرعية؛ وإنما يُتفاءل بها إن كانت من المبشرات، ومما يُتفاءل به.
ولا شك أنه في آخر الزمان لم تبقى إلا الرؤيا الصادقة من المؤمنين، والرؤى الصادقة من مبشرات
النبوة، وهي جزء من ست وأربعين جزءًا من النبوة، ولكن كما قلت لا بد فيها من ضوابط: أن
يكون مدعيها من ذوي الصلاح والتقى، وألا يدعي فيها ما يخالف الشرع، وألا يرتب عليها
أحكامًا شرعية يجزم بها ويطبقها؛ وإنما يَتفاءل بها إذا كانت رؤى طيبة
والسنة إن كانت مزعجة ألا يخبر بها أحدًا؛ بل يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ بالله من
الشيطان الرجيم، ويغير ضجعته، وبإذن الله لا يضره شيء
.
وإن كانت مما يُتفاءل به لا بأس أن يخبر بها من يحب، وإذا أراد تعبيرها فليسأل -مع اعتماده على
الله- يسأل أولئك الذين لم يُنَصِّبوا أنفسهم مفتين من الدجالين؛ بل يسأل أولئك الذين لا يجزمون
بمثل هذه الأمور؛ وإنما يتفاءلون بها، ولم يعلنوا أنفسهم مفتين في هذه المسألة
وأما دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فكثير من الناس يدعيها وهو كذاب، ولها
ضوابط، نعم حقٌ أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق؛ لأنه لا يتمثل به الشيطان، هذا
أمر يجب أن نؤمن به، فمن رآه في منامه فهو حق، وذلك بضوابط شرعية، وليست مثل رؤى
دعاوى حامل مفاتيح الكعبة خادم الحجرة النبوية، المسمى بالشيخ أحمد، أو الرؤى المنسوبة إلي
زينب بنت الحسين -رضي الله عنها-، وتدعي كثير من النسوة، ويرتبن على ذلك أدعية، وحتى
أشياء لها علاقة بالامتحانات، فيكذبون ويهرفون بما لا يعرفون ويضللون الناس
أقول: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حق ولكن يجب أن ننبه على ما يأتي.
أما دعوى رويته في اليقظة فهذا باطل يدَّعيه بعد غلاة المتصوفة الدجالين، وهو دجل وسفه، وليس
بصحيح أصلاً.
ويشترط لمدعي رويا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون مدعي تلك الرؤيا من أهل التقى والصلاح
.
والشرط الثاني: أن يدعي أنه رآه على الأوصاف النبوية التي جاءت في السيرة الصحيحة، أن
يكون على الصفات الصحيحة التي صحت بها الأحاديث والسير الصحيحة، فلو ادعى أنه رآه في
منظر بشع، أو في منظر غير لائق، فإن هذه الرؤى باطلة، وكذب من مدعيها ولا يُصدَّق.
والأمر الثالث: ألا يدَّعي أنه أمره بأمر يخالف شرعه، أو يخالف سنته، فلو جاءنا شخص، وقال:
والله أنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقال لي اقتل فلانًا، أو خذ مال فلان، أو إنك أنت
المهدي، أو نحو ذلك؛ قلنا له: تكذب، ابتداءً، ابتداءً قلنا له: إنك كذَّاب، لم ترى النبي صلى الله
عليه وسلم في المنام؛ وإنما هذه دعوى تدعيها، ودجل تدعيه، أو ادعى أنه أمره بصلاة سادسة، أو
أمره بطاعة ليست مشروعة في الإسلام، أو قال له: افعل كذا، واكتب كذا، واطبع كذا ووزعها
بين الناس؛ قلنا له: كذَّاب، هذه دعاوى غير صحيحة، ولذلك كثير من الناس يضلون بهذه
الرؤى، بعض الجماعات في هذا العصر إنما تبني كثيرًا من أحكامها على الرؤى المنامية فتُضِّلُ بها
الناس.
و
بعض الناس إذا أراد أن يتزلف إلى أحد: والله أنا رأيتك في المنام ورأيتك في وضع كذا وكذا،
وقد حصل لك كذا وكذا، وأبشرك بكذا وكذا، أصبحت جائزة لكل أحد يدعيها! فهؤلاء
دجالون.
إذًا ضوابط دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لابد فيها من مراعاة هذه المسائل:
-أن يكون مدعيها من ذوي الصلاح والتقوى.
-وأن يراه على الأوصاف الشرعية التي صحتها بها السيرة والسنة النبوية الصحيحة.
-وألا يدعي أنه أمره بأمر يخالف شرعه.
فعلينا أن نتحرى في هذه الأمور، ومن ادعى من هذه الرؤى ما ليس بصحيح كُلِّفَ يوم القيامة
أن يعقد بين شعيرتين، تصور حبة شعير وحبة شعير تستطيع أن تعقد بينهما؟ هذا أمر مستحيل،
يعني ما يمكن أن تعقد بين شيء في هذا الحجم، بين أمرين في هذا الحجم، يعني تربطهما ببعضها.
فعلينا أن نتنبَّه، وأن نحذر من هذه الدعاوى الباطلة.