أسئلة مهمةحول اعتقاد أهل السنَّة في أسماء الله تعالى وصفاته
السؤال:
هل صفات الله كلهامتشابهة أم أنها صفات متعددة ومختلفة وكل صفة تختلف عن الأخرى ؟ وكذلك الأسماء هل كلها معناها واحدومتشابهة أم أن كل اسم يدل علىمعنىمغاير للآخر ؟ وهل يجوز أن نقول إن صفات الله لا منتهى لها وكذلك الأسماء أم إن لها نهاية وهي محصورة وأن اللهقد علمها وأحصاها ؟ .
الجواب :الحمد لله
أولاً:لا شك أن صفات الله تعالى متباينة من حيث معانيها ، فصفة " القدرة "ليست هي صفة " العزة " وليست هي صفة " العلم " ، ولا يقولعاقل بأنها متشابهة من حيث معانيها ، وسيأتي توضيح ذلك وتبيينه فيما يأتي .
ثانياً:من اعتقاد أهل السنَّة والجماعة في أسماء الله تعالى : أنها متوافقة في دلالتهاعلى ذاته عز وجل ، ومتباينة من حيث دلالتها على معانيها .
ولتوضيح ذلك نقول : إن أسماءه تعالى " القدير " " العليم "" العزيز " " الحكيم " – مثلاً – كلها تدل على ذات واحدة وهيذات الله المقدَّسة ، فهي بهذا الاعتبار متفقة غير مختلفة .
وفي الوقت نفسه فإن صفة " القدرة " " العلم " " العزة" " الحكمة " تختلف بعضها عن بعض ، فهي بهذا الاعتبار متباينة .
فصارت أسماء الله تعالى الحسنى : أعلام مترادفة وأوصاف متباينة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :فالله سبحانه أخبرنا أنه عليم ، قدير ، سميع ، بصير ، غفور ، رحيم ، إلى غير ذلكمن أسمائه وصفاته ، فنحن نفهم معنى ذلك ، ونميز بين العلم والقدرة ، وبين الرحمةوالسمع والبصر ، ونعلم أن الأسماء كلها اتفقت في دلالتها على ذات الله ، مع تنوُّعمعانيها ، فهي متفقة متواطئة من حيث الذات ، متباينة من جهة الصفات .
" مجموع الفتاوى " ( 3 / 59 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف ، أعلام باعتبار دلالتها على الذات ، وأوصافباعتبار ما دلت عليه من المعاني ، وهى بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمىواحد وهو الله عز وجل ، وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منهما على معناهالخاص .
فـ " الحي ، العليم ، القدير ، السميع ، البصير ، الرحمن ، الرحيم ، العزيز ،الحكيم " كلها أسماء لمسمّى واحد وهو الله سبحانه وتعالى ، لكن معنى "الحي " غير معنى " العليم " ، ومعنى " العليم " غير معنى" القدير " ، وهكذا .
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليها ، كما في قوله تعالى ( وَهُوَالْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ، وقوله ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ) فإنالآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة ، ولإجماع أهل اللغة والعرفأنه لا يقال : " عليم " إلا لمن له علم ، ولا " سميع " إلا لمنله سمع ، ولا " بصير " إلا لمن له بصر ، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلىدليل .
" القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " ( ص 8 ) .
وهكذا يقال في أسماء القرآن وأسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء اليوم الآخر ،فهي متفقة في دلالتها على شيء واحد – القرآن أو الرسول أو اليوم الآخر - ، وهي فيالوقت نفسه متباينة من حيث إن كل اسم من أسماء ما سبق يحمل صفة غير الأخرى ، فصارتالأسماء باعتبار معاني الأسماء متباينة .
ثالثاً:من معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى – على القول الراجح الصحيح - :أنها غير محصورة بعدد معيَّن ، وهكذا القول في صفاته تعالى ؛ فإن لله تعالى أسماءقد استأثر بها في علم الغيب عنده ، وهذه الأسماء تحمل صفات ، فصارت أسماؤه وصفاتهغير محصورة بعدد معيَّن .
ومما يستدل به على هذا الاعتقاد :
1.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسْعُود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ" اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِيبِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍهُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْأَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِعِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَحُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي " : إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُوَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا ، قَالَ : فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَانَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا) .رواه أحمد ( 3704 ) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 199 ) .
قال ابن القيم – رحمه الله - :الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ، ولا تحد بعدد ؛ فإن لله تعالى أسماء وصفاتاستأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملَك مقرب ولا نبي مرسل ، كما في الحديثالصحيح ( أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُأَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِفِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) ، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام :
قسم سمَّى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه .وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده . وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ، ولهذا قال (اسْتَأْثَرْتَ بِهِ ) أي : انفردت بعلمه ، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به ، لأنهذا الإنفراد ثابت في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه .
" بدائع الفوائد " ( 1 / 174 – 176 ) .
وقال ابن كثير – رحمه الله - :ليُعلم أن الأسماء الحسنى غير منحصرة في تسعة وتسعين .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 328 ) .
ولينظر – للفائدة – " مجموع الفتاوى " لابن تيمية ( 22 / 482 – 486 ) .
2.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَىبَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَوَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَعَلَى نَفْسِكَ) . رواه مسلم ( 486 ) .فالصفات – كما ذكرنا – تتبع الأسماء ، فكل اسم ثابت لله تعالى فيه صفة تليق بجلالهعز وجل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : فأخبر أنه لا يُحصي ثناء عليه ، ولو أحصى أسماءه لأحصى صفاته كلها ، فكان يُحصيالثناء عليه ؛ لأن صفاته إنما يعبَّر عنها بأسمائه .
" درء تعارض العقل والنقل " ( 3 / 332 ، 333 ) .
وقد ظنَّ بعضهم أن أسماء الله تعالى محصورةبعدد معين وهو العدد تسعة وتسعون ! وقد نقل النووي رحمه الله اتفاق العلماء على أنأسماء الله تعالى غير محصورة في هذا العدد ، وقد سبق في جواب السؤال رقم (
41003 ) الدليل على نفي الحصر بهذاالعدد ، مع ذِكر أقوال أهل العلم في الرد على من فهم أن أسماء الله تعالى محصورةفي هذا العدد .
والخلاصة في هذا الباب :
أن أسماء الله تعالىوصفاته وأفعاله لا حصر لها ، ولا يشك بهذا من اطلع على أدلة الكتاب والسنَّة ووقفعلى اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، وضبط اعتقاده في الأسماء والصفات بقواعد منضبطة. والله أعلم الإسلام سؤال وجواب موقع الإسلام سؤال و جواب